شيلان توفيق عبد المجيد
الكون … بأرضه وسمائه … بشمسه وهوائه … برياحه وأمطاره … بمياهه ويابسته …
ببره وبحره … كتلة واحدة … جسم واحد … كرة واحدة … أسماها البشر … الكرة
الأرضية .
فالبر وحدة متصلة بلا حدود … والبحار تنفتح على بعضها بمضائق عدة … لتكون
هي الأخرى بحراً واحداً … ومحيطاً واحداً …
تجزأت هذه الكرة الجميلة … وتشوهت بهذه الخطوط المستقيمة أحياناً …
المتعرجة أخرى … فعبثت بلا رحمة بهذه الكرة الأرضية … قطعت الأوصال … مزقت
الأرض … قسمت ملك الله بين الأبناء … بهذه الخناق العميقة … بهذه الأسلاك
الشائكة … بهذه السدود والسواتر الترابية .
توزعت كرتنا الأرضية الجميلة … إلى قارات … ثم توزعت القارة الواحدة إلى
عدة أجزاء … وسمي كل جزء دولة.
فمن وضع هذه الحدود … من عبث بهذه الكرة … من بعثر البشر ؟؟؟؟
الطيور والفراشات تتجاهل هذه الحدود ، ولا تعترف بها ، وتواصل الطيران
والتحليق بلا حدود … الرياح والأمطار تنتقل هي الأخرى بلا حدود … فإذا كان
الاستعمار قد وضع هذه الحدود … فقد رحل … لكن بقيت آثاره على شكل (حدود
مصطنعة).
ما دفعني إلى كتابة هذه الخاطرة هو أن أوربا قد عادت قارة واحدة … ينتقل
الفرد من شرقها إلى غربها دون تعقيدات أو إزعاجات أو مساءلة … وأن الأسر
التركية والسورية قد تبادلت الزيارات بمناسبة الأعياد دون تعقيدات أو رسوم
مكلفة … لكن لن تطول هذه الزيارات لأن الحدود سرعان ما تغلق مرة أخرى .
أما نحن في شرق المتوسط … في شمال أفريقيا … في السعودية والخليج … فنتساءل
بمرارة : متى تمسح من خارطتنا هذه (الحدود المصطنعة) حتى نحلق كالبلابل
والفراشات في سماء بلا حدود … وأرض بلا حدود … ونسبح كالأسماك والدلافين في
بحر واحد … ونحط كالنوارس على كل الشطآن … وننتقل بحرية من دولة إلى أخرى …
بلا حدود … بلا جوازات سفر !!؟؟