شرفنامه فقد أوردها على شكل جورم في سنة 1596م .
وبذلك يكون أقدم ذكر لاسم (جومه) أو (جوم) صادفناه في المصادر التاريخية يعود إلى عام 633 م.
ولدى البحث عن معنى كلمة (جوم) أو (جومه) في المعجم الوسيط في اللغة العربية، تبين أن (جام) تعني الكأس، و(جومه) جمعها. وهذا طبعاً يبعده كثيراً من أن يكون جومه اسما عربيا بمعنى (كأس) لسهل واسع. أما خيرالدين الأسدي فيقول نقلا عن الأب شلحت: أن (جوم) أو (جوما) في الآرامية هي بمعنى جزار أو حلاق أو حجاّم [ج6، ص374]، وهذه التسمية هي أيضا بعيدة عن أن تكون اسما جغرافياً. أما في الكردية فإنه حينما ينغرز شيء ما في مادة طرية يقال له(Cûm bû). وكل مادة طرية قابلة للتشكيل يقال لها وللعمليةDibe cûmik . وفي سهل جومه ينابيع كثيرة، كما أن لنهر عفرين فيضاناته المتكررة، وهذه جميعها كانت تحول سهل جومه ذا التربة الحمراء العميقة إلى أماكن مستنقعية موحلة، تنمو فيها الأعشاب المائية المتنوعة، ويبقى كذلك موحلاً معظم أيام السنة، خاصة وأن ارتفاعه عن سطح البحر لا يتجاوز بضع عشرات الأمتار في قسمه الجنوبي الغربي، كما أن كلمة (جوم) تعني في اللغة الكردية الحفرة العميقة والمكان المنخفض، فيقال مثلا Ev ciya gom e أي (هذا المكان منخفض) و Gom هو نفسهCom و C/m . وسهل جومه منخفض بالنسبة لجبال كردداغ بل غائر للأسفل كونه انهدامي المنشأ، وهذه الصفات جميعها تتطابق ومعنى كلمة (جوم) أو (جومه) بالكردية. وربما كان لاسم جومه صلة بمدينة جرجم أو جرجومه الحثية القديمة مدينة (مرعش) Meraşê الحالية في تركيا، خاصة وأن هناك وادياً في ناحية شيخ الحديد يسمى جرجم.
جبل ليلون Lêlûn :
يسميه الأكراد (ليلون)، واسمه الرسمي الحالي (سمعان)، نسبة إلى مار سمعان العمودي، والقلعة المسماة باسمه الواقعة في أقصى نهايته الجنوبية. أما البلاذري فقد أورده – كما ذكرنا سابقاً - على شكل ((لولون )). وياقوت الحموي ذكره على شكل (ليلون) [قسم2، ص304]. فما هو أصل هذا الاسم؟
لولان Lûlan بمعنى (التواء، أو الشكل الهلالي) في اللغة الكردية (قاموس كردستان لموكرياني)، و ليلان Lîlan بمعنى صفير الرياح ( قاموس علي سيدو كوراني). وهذان الاسمان قريبان من صفات الجبل من حيث كونه التواء جبلي يأخذ قوس، بتقوسه وصخوره البيضاء يشبه هلالاً يحيط بسهل جومه من الشرق والجنوب، وهو معروف بهوائه الشديد وخاصة في فصل الصيف.
وربما كان (لولون) تسمية لاتينية - فرنسية، أطلقه الإغريق على الجبل، خاصة وأن الإغريق بقوا في شرقي المتوسط وشمالي سوريا أكثر من 1500عام. وكما هو معروف فالفرنسية والكردية من أسرة اللغات الهندو أوربية (الآرية)، وإنني أميل إلى هذا الرأي.
- هناك واد عميق يقع جنوبي قرية كورزيل جومهKurzêlê ، يخترق جبل ليلون من الشرق إلى الغرب، وهو كثير الينابيع والمياه يسمى وادي لولك Lûlik، لكثرة نبات الدفلة (لول)Lûl فيه قديما. وكان يمر من الوادي إحدى الطرق الرئيسية من سهل جومه وجبل الأكراد إلى هضبة حلب. وربما لأهمية هذا الوادي قديماً، وكثرة نبات الدفلةLûl فيه، أطلق الأقدمون اسمها على كامل الجبل وسمي بـ (لولك) على اسم نبات الدفلة، ثم حرف مع الزمن إلى لولون وليلون وهكذا …
وهناك واد واسع آخر في هذا الجبل، يقع شرقي قرية ترنده، اسمه وادي Lêkê، ويلاحظ هنا أيضا تشابه بين هذا الاسم واسم لولك وليلون. أما السيد مامد جمو، المهتم بتسميات جبل الأكراد في مخطوطة أطروحته للدكتوراه (اللهجات في جبل الأكراد) في جامعة سوربون –باريس- يقول: إن ليلون – اسم السنديانه في الجبل، ولكننا لم نتأكد من ذلك.
جبل هاوار Hawar :
هاوار اسم لجبل معروف في مرتفعات جبل الأكراد، وأطلق عليه جميل بحري كنة في كتابه – المظالم الفرنسية – اسم جبل (الحوار)، وصادف اسم (جبل الحوار) في كتاب فتوح البلدان للبلاذري أيضا، ولا بد أنه قصد ذلك الجبل أيضا .
أما الاسم الذي يعرف به لدى الأكراد فهو (هاوار) Hawar، وهاوار بالكردية، يعني (النجدة والاستغاثة) وهو يتناسب ووعورة الجبل الشديدة .
ولا يستبعد إطلاق العرب عليه اسم (حوار) تخفيفا من الهاء، وهناك أمثلة كثيرة على تبديل الأحرف، ففي حين يسمي الأكراد بلدة حارم بـ (هيرم) (Hêrim )، هي لدى العرب (حارم). ومثله هنانو هو في أصله حنان وأداة النداء (و) في اللغة الكردية .
وليس بعيداً أبداً أن تكون لاسم هاوار صلة وثيقة بالهوريين أسلاف الأكراد القدماء، وهنا أيضا تسميهم المصادر العربية مرة بالهوريين وأحيانا بالحوريين وهكذا…
وادي جرجم Gelî circim :
جرجم: اسم القسم الجنوبي والأخير من وادي خاستيان Xastiya . وينتهي بين قريتي مروانية. وجرجم: وادٍ عميق يمر بين جبال عالية، يقال إن الزوارق كانت تسير فيه لكثرة مياهه. وورد اسم جرجم في بعض المصادر التاريخية القديمة، فالبلاذري في فتوح البلدان قال: (( إن الجرجومة مدينة تقع على جبل اللكام…)) وسمى أهلها بالجراجمه. وقد استولى عليها أبو عبيده عام 637 ميلادية، وكان أهلها من النصارى. وبسبب تعاطف الجراجمة الدائم مع البيزنطيين، وجه إليهم الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك أخاه مسلمة بن عبد الملك، فخرب مدينتهم، وأسكن أهلها جبل الحوار، وسنح اللولون وعمق تيزين وصار بعضهم في حمص… ويتفق الباحثون على أن مدينة (جورجوم أو كوركوم)، هي مدينة مرعش Meraş في تركيا، وكانت مركزاً لمملكة (حثية) في أوائل الألف الأولى ق.م، و كان سكانها من بقايا الحثيين حتى العهد الإسلامي.
وعلى الجهة الشرقية من وادي جرجم، مقابل قرية (هيكجه) سكن قديم، قد تكون إحدى الأماكن التي أنزل إليها هؤلاء الجراجمة (الحثيون) الذين أسكنوا في جبلي الليلون وهاوار. وهكذا فإن اسم هذا الوادي مستمد من اسم هؤلاء الجراجمة.
وجرجم اسسم آخر قسم من وادي خاستيا، الذي ينحدر من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي باتجاه بحيرة العمق بطول 35 كم .يعتبر حدا فاصلا بين الحدود الإدارية لناحيتي شيخ الحديد في الشمال الغربي وجنديرس في الجنوب والشرق.
سهل باليا Deşta Baliya:
تقع بلدة راجو في وسط هذا السهل، ويبلغ ارتفاعه عن سطح البحر أكثر من 700م، وتحيط به الجبال العالية .
والاعتقاد السائد لدى العامة أن الاسم تركي، لأن (بال)Bal في التركية تعني (العسل). إلا أننا نعتقد أن أصل الاسم كردي، ومشتق من كلمة /بيل/ Bêl بالكرمانجية الشمالية، و(بالا) Bala بالجنوبية، وهما يدلان على معنى واحد أي /عالي، مرتفع…/ وبذلك يكون سهل (باليا) هو السهل المرتفع، وهذا يتفق وصفاته الجغرافية، أي موقعه العالي بين جبال عليا .
عفرين Ħefrîn:
وهو اسم نهر عفرين الذي يبلغ طوله 139كم، ويمر وسط منطقة عفرين من شمالها إلى جنوبها. ثم أطلق الاسم على مدينة عفرين أيضا.
وقد وجدنا اسم عفرين بشكله الحالي، في أربعة مراجع تاريخية، هي :
كتاب تاريخ حلب – للعظيمي، صفحة أحداث سنة 478هـ . وصبح الأعشى للقلقشندي، ص57. والدر المنتخب لابن الشحنه، ص167. وكذلك في معجم البلدان،القسم الثاني ص180. وبه يكون أقدم ذكر لاسم عفرين في المصادر التاريخية الإسلامية يعود إلى عام 1086م.
أما سترابون المؤرخ اليوناني الشهير في القرن الأول قبل الميلاد، فقد ذكر اسم نهر عفرين على شكل ((آبريه)) Aprie .
وفي سنة 401ق.م، حينما اجتاز المؤرخ والقائد اليوناني (كزينفون) سهل العمق إلى الفرات، دون في كتابه أناباسيس، الصفحة 55 اسم نهر كالوس أو خالوس Chalus , Chalys، وحسب تسلسل ذكره للأنهار التي اجتازها فيما بين سهل العمق والفرات، ومواصفات النهر، وذكره لتقديس سكان المنطقة للأسماك الموجودة فيه( )، يرجح بأن المقصود هو نهر عفرين. هذا فيما إذا أضفنا إليه رأي بعض الباحثين من أمثال الأستاذ ((رولان تفنان))، ويعقوب منصور أفرام( )، اللذين يرجحان أن نهر كالوس هو نهر عفرين، ولكن أيا من تلك المصادر القديمة لم يتطرق إلى معنى اسم ( عفرين ) وأصله، ولذلك سنعرض هنا بعض الاجتهادات، ووجهات النظر المعاصرة حول ذلك، تاركين الباب مفتوحاً لاجتهادات أخرى قد تكون أكثر موضوعية.
1– يلفظ كبار السن من سكان القرى